الرئيسية » ثقافة عامة » التعايش بين الأديان

التعايش بين الأديان

التعايش بين الأديان
اعلان

الأديان في الإسلام

دخل الإسلام إلى العرب وجاءت رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم في فترة انقطاع الوحي بعد زمن عيسى عليه السلام، وكان العرب بعيدين عن الدين في ذلك الوقت  ومظاهره، وكانت عبادة الأصنام الموروثة لهم من الشعوب السابقة مثل يغوث، ويعوق، ونسر، وسواع، و ودّا، والتي كانت في قوم نوح فقد ورد عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما:"صارَتِ الأوثانُ التي كانتْ في قومِ نوحٍ في العربِ بعدُ، أما وُدٌ: كانتْ لكلبٍ بدَومَةِ الجندَلِ، وأما سُواعٌ: كانتْ لهُذَيلٍ، وأما يَغوثُ: فكانتْ لمُرادٍ، ثم لبني غُطَيفٍ بالجَوفِ عِندَ سبَأ، وأما يَعوقُ: فكانتْ لهَمدانَ، وأما نَسرٌ: فكانتْ لحِميَرَ، لآلِ ذي الكُلاعِ، أسماءَ رجالٍ صالحينَ من قومِ نوحٍ، فلما هلَكوا أوحى الشيطانُ إلى قومِهم: أنِ انصِبوا إلى مجالِسِهمُ التي كانوا يَجلِسونَ أنصابًا وسمُّوها بأسمائِهم، ففَعلوا، فلم تُعبَدْ، حتى إذا هلَك أولئك، وتنَسَّخَ العلمُ عُبِدَتْ"، كما عبد العرب أصنام قريش ، مثل العزى ، واللات ، ومناة، وهبل إلخ ، حتى جاء  نبي الرحمة ، الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور ، وتطور من عبادة الأصنام إلى العبادة والإيمان بالله. 

فلما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأقام فيها الدولة الإسلامية ، فوجد فيها خليط من الديانات كاليهودية والنصرانية ، فأعطاهم حقوقهم، وجعل لهم واجبات، و أحسن التعايش معهم، وفي هذا الموضوع سوف نعرض التعايش بين الأديان وكيف حث الإسلام عليه وذلك بعد بيان المقصود من التعايش وبيان محترزاته وبعض شروطه.

ما المقصود من التعايش بين الأديان؟

  • التعايش لغةً: مصدر تعايش، تعايشاً، فهو مُتعايش، ويأتي التعايش في اللغة بمعنى: العيش على الأُلفة والمَوَدَّةِ، وتعايش النَّاسُ: إذا وُجِدوا في المكان والزَّمان نفسيهما، والتعايش أيضاً: مُجْتَمَعٌ تتعدد طوائفه، ويَعِيشُون فيما بينهم بانسجامٍ وثقةٍ وَوِئَامٍ، عَلَى الرَّغْمِ مِنِ أنهم مختلفون من حيث المذاهب أو الأديان أو الفئات، والتَّعَايُشُ السِّلْمِيُّ يعني: وجود بيئةٍ يسودها التَّفَاهُمِ بَيْنَ فئات المجتمع الواحد بَعِيدًا عَنِ الحروبِ أو العنف.
  • التعايش اصطلاحاً: (اجتماع مجموعة من الناس في مكانٍ معين تربطهم وسائل العيش من المطعم والمشرب وأساسيات الحياة بغض النظر عن الدين والانتماءات الأخرى، يُعرف كل منهما بحق الآخر دون اندماج وانصهار)

التعايش بين الأديان في الإسلام

 أرسى القرآن الكريم مجموعة واضحة من القواعد لحماية المجتمع البشري وحمايته من الصراعات والفتن، وأعلن الإسلام أيضًا في كتابه أن جميع البشر خلقوا من نفس واحدة ، مما يعني أنهم يشتركون في وحدة الأصل الإنساني، "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا"، كل البشر على وجه الأرض يشتركون في الإنسانية ، وبالتالي فإن الإسلام يضمن لهم الحق في الحياة والحق في العيش بكرامة لا تمييز بينهم ، بل يقوم على مبدأ احترام الإنسان لنفسه ، بغض النظر عن دينه أو عرقه أو لونه أو أصله ، لأن جميع أفراد المجتمع هم أسرة ولديهم حقوق وعليهم واجبات، قال الله تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلً" أما الاختلاف في الأجناس والألوان واللغات فهذا ليس دليل إلا على عظمة الخالق وإبداعه في خلقه قال تعالى: " (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ"

إذا كانت هناك اختلافات في المجتمع البشري ، فيجب أن تكون هذه ظاهرة طبيعية ، ولا ينبغي لمجموعة واحدة أن تضطهد جماعة أخرى ، لأن ذلك سيخلق العداء والبغضاء في المجتمع ويثير الصراع الطائفي بين أفراده، بل يجب أن يكون الاختلاف بينهم سبيلا للتعارف والتراحم بين طوائف المجتمع ومحاولة إيجاد مصالح مشتركة بينهم، قال تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"ففي هذه الآية يشير الله تعالى انه لا للتفاضل والحكم على الناس إلا بالتقوى والتقرب من الله سبحانه وتعالى ومدى التزامهم بأوامر الله سبحانه الذي أرسلها في شريعة أنبيائه " إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ "

أما الذين لم ينتسبوا إلى الإسلام الديانات الأخرى قبل الإسلام ولم يؤمنوا بالله ، فإن القرآن لا ينظر إليهم بازدراء، أو أنهم ليسوا بشرًا ولا يستحقون حقوق المسلمين ، بل على العكس فهو يراهم بالتسامح والشهامة ، ولا ينبغي للمسلمين معاملة غير المسلمين الذين يخالفون العقيدة الصحيحة إلا إذا دعوا إلى الله بطريقة النصح، إذا أطاعوا فبها و نعم، وإذا رفضوا فيمكنهم فقط التمسك بمعتقداتهم ؛ ولا إكراه في الدين طالما أنهم لا يعودون إلى دين الله ويقاتلون ضده.

قال تعالى: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).

إذا كان هناك عهد بين الإسلام والمسلمين ، فإن الإسلام يحرص أيضًا على عدم المساس بالعهد أو الذمي، إن كان بينهم وبين المسلمين عهد أو ميثاق فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قتل مُعاهَدًا لم يَرَحْ رائحةَ الجنَّةِ، وإنَّ ريحَها توجدُ من مسيرةِ أربعين عامًالذلك فإن سلامتهم مكفولة بأمر صريح من النبي - صلى الله عليه وسلم - والاعتداء عليهم جريمة يعاقب عليها القانون.

مظاهر التعايش بين الأديان

تتجلى مظاهر التعايش بين الأديان على النحو التالي: 

  • الاعتراف بوجود الآخر بغض النظر عن انتمائه الديني وعدم تهميشه. 
  • تخلص من مبدأ الإكراه الديني الذي يعني إجبار الآخرين على اعتناق دين معين. 
  • عامل المتدينين بالعدل واللطف ، لأن الاختلافات في المعتقدات الدينية لا تعني أنه يجب معاملتهم بأخلاق فاضحة. 
  • استخدم أسلوب المحادثة الأفضل لهؤلاء الأشخاص ، لأن المحادثة طريقة صحية ومناسبة للانفتاح. 

ضوابط التعايش مع الأديان في الإسلام

 وضع الإسلام ضوابط لكل شيء للتأكد من أنه يعمل بطريقة مناسبة لصالح الفطرة ، وفيما يلي ضوابط للتعايش بين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى:

  1. يفتخرون بالانتماء إلى الإسلام ويلتزمون به ويعتبرونه أسلوب حياة. 
  2. حماية الشخصية الإسلامية للمسلم من التقليد الأعمى ، والحفاظ على أخلاقه وخصائصه التي تميزه عنه. 
  3. ضمان عدم تعرض المسلمين لأي شكل من أشكال الوصم أو الظلم أو التهميش في التعايش مع الأديان الأخرى. 
  4. التأكد من أن طبيعة العلاقات بين المجموعتين سلمية ومتبادلة حتى لا يتعرض المسلمون للعدوان خلال هذه الفترة.
اعلان
التصنيف :

آخر المشاركات

إرسال تعليق