للصيف فرحة خاصة
فالفصول الأربعة كالملابس التي ترتديها الأرض، تزينها وتزيدها جمالاً وروعة ونضارة، يشرق فيه الوجود، فهو الذي يمنح الحياة لونها الجميل، وهو موسم تجدد كل شيء، دورة الفصول الأربعة تعني بداية حياة جديدة، ولكن مع اقتراب شهر يونيو، فإننا ندخل في أجمل موسم، أحر فصل في السنة هو فصل الصيف، المليء بالظلال التي تلون لنا الكون بفرشته السحرية، فتتغنى الأشجار على أنغامها وتتراقص الزهور على نسيمه.
الصيف هو موسم السعادة
الصيف هو أحلى الفصول، وتكسى الأرض سجادة خضراء، وتغرد الطيور بسعادة، وهو موسم تتكاثر وتتزاوج فيه العديد من الكائنات، وتظهر الأشجار ألوان الطبيعة، مع الفواكه في الوفرة والزهور المتفتحة، إنه الموسم الذي تتشكل فيه قطرات الندى، وفي كل صباح، يبهرنا المشهد المهيب.
وقد كتب الشعراء عن سحره قصائد حب لا نهاية لها، فبالنسبة لهم، هذا هو موسم العشاق، مع الورود، والرياح الشبابية التي تنعش العقل المتعب في وقت الأصيل، ومشهد غروب الشمس الخلاب، كعروس متشحة بالحناء تتزوج عريسها البحر، في موكب مهيب ومدهش، يلقي سحره على النفوس التي كانت تنتظره ليصفق لها بكل نقاء وصفاء وراحة راحة. قال الشاعر إيليا أبو ماضي:
عادَ لِلأَرضِ مَعَ الصَيفِ صِباها
فَهيَ كَالخَودِ الَّتي تَمَّت حُلاها
صُوَرٌ مِن خُضرَةٍ في نَضرَةٍ
ما رَآها أَحَدٌ إِلّا اِشتَهاها
ذَهَبُ الشَمسِ عَلى آفاقِها
وَسَوادُ اللَيلِ مِسكٌ في ثَراها
بمجرد غروب الشمس تظهر لنا نجوم المساء كنجوم تسطع في جو مظلم، تكاد لا ترى بين الأضواء، إن الطبيعة بكل ما فيها هي التي تتخلى عن عرشها لهذا الموسم الرقيق لتسعدنا بكل شيء، لكن في المقابل يكون الطقس حاراً جداً في هذا الفصل وتأتي معه مشاكل كثيرة مثل: الجفاف، الآفات ، ضربة الشمس ، إلخ.
الصيف هو فصل الحد والعمل
فصل الصيف هو فصل العمل عند بعض الحيوانات والحشرات وتكدح، مثلما يستعد النمل والنحل لفصل الشتاء، وترتفع خلال هذا الفصل درجة حرارة الأرض، لتبدأ دورة مياه جديدة أخرى هي أساس الوجود على سطح الأرض، فمن خلال هذه الدورة المائية، تتشكل السحب نتيجة التبخر، ويهطل الماء في الصيف على شكل أمطار في الشتاء، فيروي عطش الأرض وجدبها.
أيضا في الصيف تتعدد فرص الرحلات والإجازات والسهرات والحفلات، ويعتبر الناس هذا هو موسم الأعراس والرفاهية والراحة والمتعة حيث يطول النهار ويقصر الليل.
الصيف هو لؤلؤة الفصول الأربعة
باختصار الصيف هو لؤلؤة الفصول الأربعة، في ضوئه نشعر بقيمة الحياة، وفي عطر رحيقه نستنشق عبير الوجود، فهو مركب يأخذنا لشاطئ بعيد يعيدنا إلى أنفسنا في دهشة، حتى ننسى أنفسنا ونغرق في فوضى الروعة والجمال والفضاء البهي، هل ندرك جوهره، وكأننا لسنا كما نحن، وكأنه يحتضن الروح المجروحة، فيشفيها ويحيي كل أمل فقدته، ويطرد رماد حزنها، وتغمرها بالمطر، وتجعلهم يطيرون مرة أخرى، ويهيمون على الأرض مثل طائر سعيد.
تعليقات: 0
إرسال تعليق