مقدمة: الرفق بالحيوان واجب أخلاقي
من صفات الإنسان التعاطف مع جميع الكائنات الحية، وأهمها الحيوانات؛ وذلك لأنها لا تستطيع الدفاع عن نفسها أو مواجهة قسوة البشر، فقد يقوم البشر بإيذاءها، مسببين لها الألم والإهمال، وفي بعض الأحيان قد يؤدي إيذاء هذه الحيوانات إلى الموت.؛ لذا يجب علينا حماية الحيوانات التي نمتلكها وتوفير الحماية لجميع الحيوانات والدفاع عنها، حتى الحيوانات البرية، فأخلاق الإنسان المحترم تنعكس في طريقة تعامله مع المشاكل وإذا كان هذا الرجل الصالح أبًا، فسوف يعلم أولاده أيضًا معنى الرفق بالحيوان، وإذا كان معلمًا، فسوف يعلم تلاميذه أيضًا معنى الرفق بالحيوان.
العرض: ما هي مظاهر الرفق بالحيوان؟
يأتي اللطف مع الحيوانات بأشكال عديدة يمكن لأي شخص اتباعها وجعلها أسلوب حياة، إن معاملة الحيوانات بشكل جيد تتحقق من خلال حماية أنواعها وعدم تعريضها للقتل أو الصيد الجائر، الأمر الذي يمكن أن ينهي حياة العديد من الحيوانات ويؤدي إلى انقراضها وفي هذا ظلم عظيم.
إن الله تعالى لم يحرم ذبح بعض الحيوانات بل خلقها لكي نتغذى عليها ونأكل لحومها ولكن ما يخالف الفطرة البشرية السليمة هو أننا نصطاد هذه الحيوانات بطريقة همجية أو لمجرد التسلية، فهو لا يعتبر ظلماً فحسب، بل يعتبر كارثة تؤدي إلى اضطرابات بيئية خطيرة يمكن أن تؤدي إلى مشاكل عديدة، فهو لا يسبب مشاكل متعددة للحيوانات والبيئة فحسب، بل يمكن أن يسبب ضرراً للإنسان أيضاً.
ومن أنواع الرفق بالحيوان توفير الغذاء لها، وخاصة تلك الأنواع التي ليس لها منزل أو صاحب، كالقطط الضالة والكلاب الضالة، ولا يضر لو وضع كل واحد جرة ماء على باب بيته أو يضع بعض الطعام الذي لا يحتاجه لإطعام تلك الحيوانات الضالة، من يقوم بهذا فسوف يحصل على أجر كبير من الله سبحانه وتعالى خاصة عندما يكون الطقس حارا والشمس حارقة. أذكر ذات مرة أن إحدى جاراتنا تعمدت فتح باب المستودع الموجود بجانب منزلها لإفساح المجال للقطة في يوم صيفي حار، كانت تعد لهم الماء والطعام، حتى في أيام البرد، كانت تعده لهم دون تردد، وعندما كان المطر يهطل، خرجت وفتحت لهم الباب
ومن مظاهر الرفق بالحيوانات أيضا أن نحمي البيئة التي تعيش فيها الحيوانات ولا نرمي عليها النفايات السامة لتلوثها وتسبب موتها وتصاب بالتسمم، كما يجب علينا أيضًا عدم إشعال الحرائق التي قد تقتلها وتسبب لها ضررًا لهم وللبيئة التي أعدها الله لهم ليعيشوا فيها، ولو احترقت واحدة من هذه الغابات، ستتضرر العديد من الحيوانات، وستدمر أعشاشها وبيوتها ومخابئها، وحتى طعامها سوف ينضب وتموت، إذ لا يوجد مكان للاحتماء، خاصة أنهم سيهربون محاولين البحث عن الأمان، لكن من غير المتصور ألا يتمكنوا جميعهم من الهروب، مما سيتسبب في حرقهم وأطفالهم حتى الموت، وهو مأساة كبيرة تتعرض لها الحيوانات عندما تحترق الغابة.
كما يكون الرفق بالحيوان من خلال توفير المحميات الطبيعية لها ولحماية الأنواع المهددة بالانقراض بسبب الصيد الجائر وحرائق الغابات، توفر هذه المناطق المحمية بيئة مناسبة محظورة على الصيادين أو المتسللين، وتوفر لهم كافة سبل العيش.
وهذه المحميات ليست مخصصة للحيوانات فقط، فقد أنشأت بعض الدول محميات خاصة للطيور والأسماك وغيرها من الحيوانات المهددة بالانقراض، كما تنظم بعض المدارس رحلات إلى هذه المناطق لتعريف الطلاب بالأنواع التي تحميها، وبما أن الكثير منهم غير معروفين بسبب أعدادهم الصغيرة، فهذه مشكلة كبيرة ويقومون بتعريف الأطفال بهذه الأنواع وما يحدث لهم،
وينعكس الرفق بالحيوانات أيضا في عدم السماح لها بتحمل أعباء أكثر مما تستطيع، لأن كثيرا من الناس يحتفظون بالحيوانات للعمل عليها، فيحملونها أكثر مما يستطيعون، أو يضربونها لتشجيعها على المشي، أو يحرقونها بالنار كما يحرق بعض الناس الخيل، رأيت ذات مرة رجلا يحمل حمارًا أكثر مما يستطيع حمله، يتقدم الحمار خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الخلف، شعرت بالحمار يبكي، وشعرت بالأسف الشديد عليه وذهبت إلى صاحبه للحصول على النصيحة ولا ينبغي له أن يحمل الحمار ما لا يطيقه، فانتقدني وقال لي: هل رأيت حماراً يتألم قط؟ أذهلني كلامه ثم رحل وتركني في حيرة واستجمعت قواي وقلت له: هل كونك حمار يعني أنك ليس لديك مشاعر؟ وكم هو مؤلم أن يصدق هذا الرجل ذلك، وأعلم أن هناك كثيرين مثله للأسف.
ما أجمل من يحب توفير الماء والغذاء للحيوانات والطيور، كثيرا ما أرى الناس يضعون الماء في أوعية صغيرة ويضعونها على النوافذ والمداخل وأسطح منازلهم لتشربها الطيور، في أحد الأيام مررت أنا وأبي على شجرة في الطريق، وكان هناك حمامة صغيرة تحوم حول الشجرة، تصرخ بصوت عالٍ، ترفرف بجناحيها وتطير، تارة تهبط وتارة ترتفع، توقفت ونظرت حولي، رأيت كتكوتًا يصرخ من الجوع على الأرض، فحمله أبي وأعاده إلى عشه الأصلي، هدأ الحمام ودار حول العش بينما كنا نسير، وكان ينظر إلينا طوال الوقت وكأنها تشكر والدي علىما فعله.
الخاتمة: بماذا أوصانا رسولنا الكريم تجاه الحيوانات؟
وتتجلى أهمية حسن معاملة الحيوانات بشكل واضح في وصايا الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد أوصانا بالحيوانات، وأمرنا ألا نؤذيها، وأن نعاملها بأفضل شكل، كما أن حمايتهم له أجر عظيم من الله عز وجل، كما أنه ورد عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حديث يوضح لنا عواقب عدم الاهتمام بالحيوانات وتعذيبها، وهذا في قصة المرأة التي حبست قطة ورفضت أن تطعمها أو تسقيها أو تتركها تأكل من خشاش الأرض الأرض فكان عقابها أنها دخلت النار، ما أبشع هذه الجريمة! فماذا فعلت قطة بريئة لتستحق السجن والتعذيب والتجويع وحتى الحرمان من الماء وحرية تخليص نفسها !!
تعليقات: 0
إرسال تعليق